للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحببت ألاَّ أترك المقام حتى أبين أمرًا، عسى الله أن ينفع به من شاء من عباده، لقد ثبتت صلاة الضحى من قوله -صلى الله عليه وسلم-، وحثه أصحابه، وإقرارهم عليها بما لا يدع مجالاً للشك.

منها أحاديث الباب، ومنها ما ثبت في صحيح مسلم (٧٢٢)؛ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- وصى بها أبا الدرداء، كما وصى بها أبا هريرة.

وفي صحيح مسلم (٧٢٠) عن أبي ذر في حديث التسبيح والتهليل والتحميد، لأداء صدقات المفاصل قال: "ويجزىء عن ذلك ركعتان يركعهما أحدكم من الضحى".

وفي البخاري (١١٢٨)، ومسلم (٧١٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالتْ: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل -وهو يحب أن يعمل به- خشية أن يعمل به الناس، فيكتب عليهم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط يسبح سبحة الضحى، وإني لأسبحها".

ومعلوم أنَّه مما لا يَرِدُ على العقل أن تحافظ أم المؤمنين على صلاة الضحى، ولم يطلع عليها -صلى الله عليه وسلم-، كما لا يظن بها أن تداوم على عبادة لم تُشرع، وهي الراوية عنه -صلى الله عليه وسلم-: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" والحديث في الصحيحين، ولكنها اعتذرت عن عدم صلاة الضحى بما ذكرت؛ أنَّه خشية أن يثقل على أمته، بل قررت أنَّ بعض ما كان يدع للتخفيف، كان يحب أن يعمل به، والسياق في مقام صلاة الضحى.

والعجب ممن يستدل على عدم سنيتها: بأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفعلها، ولا أبو بكر، ولا عمر، بعد اتفاق أهل العلم أنَّ السنة ما ثبت من قوله -صلى الله عليه وسلم-، أو فعله، أو تقريره، فبعد ثبوت الأمر بها لا يمتري في سنيتها عالم بالسنة وأقسامها، وإلاَّ فعليه أن يئكر فضيلة صوم داود؛ لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعمل به، مع أنه مدحه، وأمر به عبد الله بن عمر، لما أراد أن يصوم أفضل

<<  <  ج: ص:  >  >>