للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّقسيم، فإمَّا أن ينتهي إلى ما يكونُ لازمًا فيكون ضروريًّا، أو لا ينتهي إليه فيتسلسلُ، وهو محالٌ، أو يكون اتفاقيًّا فلا يوصفُ بحُسنٍ ولا قُبح (١).

فهذا الدَّليلُ هو الذي يصولُ به ويجول، ويُثْبِتُ به الجَبْر، ويردُّ به على القَدَريَّة، وينفي به التحسينَ والتقبيح.

وهو فاسدٌ من وجوهٍ متعدِّدة:

أحدها: أنه يتضمَّنُ التَّسوية بين الحركة الضرورية والاختيارية، وعدم التفريق بينهما. وهو باطلٌ بالضرورة والحِسِّ والشَّرع، فالاستدلالُ على أنَّ فعلَ العبد غيرُ اختياريٍّ استدلالٌ على ما هو معلومُ البطلان ضرورةً وحِسًّا وشرعًا، فهو بمنزلة الاستدلال على الجمع بين النقيضين، وعلى وجود المحال، وبابِه (٢).

الوجه الثَّاني: لو صحَّ الدَّليلُ المذكورُ لَزِم منه أن يكون الربُّ تعالى غيرَ مختارٍ في فعله؛ لأنَّ التقسيم المذكورَ والتَّرديدَ جارٍ فيه بعَيْنه بأن يقال: فعلُه تعالى إمَّا أن يكون لازمًا أو جائزًا؛ فإن كان لازمًا كان ضروريًّا، وإن كان جائزًا فإن احتاج إلى مرجِّحٍ عاد التقسيم، وإلا فهو اتفاقيٌّ.

ويكفي في بطلان الدَّليل المذكور أن يستلزم كونَ الربِّ غيرَ مختار.


(١) انظر مسلك الرازي هذا في كتبه: «المحصل» (٢٠٢)، و «الأربعين» (٣٤٦)، و «المطالب العالية» (٣/ ٣٣٢)، و «المحصول» (١/ ١٢٤)، و «التفسير» (١/ ١٨٥).
(٢) (ت): «الايه». وكذلك في (د، ق) إلا أنها مهملة. والصواب ما أثبت. أي: باب الجمع بين النقيضين ووجود المحال وسائر ما هو معلوم البطلان ضرورةً وحسًّا وشرعًا. وانظر ما سيأتي (ص: ١١٢٣).