للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: ١٠٦ - ١٠٨]، وهذا شرفٌ عظيمٌ لأهل العلم، وتحته (١) أنَّ أهلَه العالِمون (٢) قد عرفوه وآمنوا به وصدَّقوا، فسواءٌ آمنَ به غيرُهم أو لا.

الوجه السابع عشر: أنه سبحانه مدحَ أهلَ العلم، وأثنى عليهم، وشرَّفهم بأن جَعَل كتابَه آياتٍ بيناتٍ في صدورهم، وهذه خاصَّةٌ ومنقبةٌ لهم دون غيرهم، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (٤٧) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٧ - ٤٩].

وسواءٌ كان المعنى: أنَّ القرآنَ مستقرٌّ في صدور الذين أوتوا العلم، ثابتٌ فيها، محفوظٌ فيها، وهو في نفسه آياتٌ بينات، فيكونُ قد أخبر عنه بخبرين:

أحدهما: أنه آياتٌ بينات.

الثاني: أنه محفوظٌ مستقرٌّ ثابتٌ في صدور الذين أوتوا العلم.

أو كان المعنى: أنه آياتٌ بيناتٌ في صدورهم، أي: كونُه آياتٍ بيناتٍ معلومٌ لهم، ثابتٌ في صدورهم.

والقولان متلازمان، ليسا بمختلفين. وعلى التقديرين فهو مدحٌ لهم


(١) الحرف الأول مهمل في (د). (ق): «وبحثه». (ت): «ومحبته».
(٢) كذا في الأصول، بالرفع. والجادة النصب.