للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابع: قولُه تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ} [النساء: ٩٥ - ٩٦].

فهذه أربعةُ مواضع، في ثلاثةٍ منها: الرِّفعةُ بالدَّرجات لأهل الإيمان الذي هو العلمُ النافعُ والعملُ الصَّالح، والرابعُ: الرِّفعةُ بالجهاد؛ فعادت رفعةُ الدَّرجات كلُّها إلى العلم والجهاد اللذَين بهما قِوامُ الدِّين.

الوجه العشرون: أنه سبحانه استشهَد بأهل العلم والإيمان يومَ القيامة على بطلان قول الكفار، فقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الروم: ٥٥ - ٥٦].

الوجه الحادي والعشرون (١): أنه سبحانه أخبر أنهم أهلُ خشيته، بل خصَّهم من بين الناس بذلك، فقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: ٢٨]، وهذا حصرٌ لخشيته في أولي العلم.

وقال تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٨]، وقد أخبر أنَّ أهل خشيته هم العلماء؛ فدلَّ على أنَّ هذا الجزاء المذكور للعلماء بمجموع النَّصَّين (٢).


(١) انظر: «الذخيرة» للقرافي (١/ ٤١).
(٢) (ت): «مجموع النصين». وهي قراءةٌ جيدة.