للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدَّم ذلك (١).

وكذلك يقرنُ بين القلب والبصر (٢)، كقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: ١١٠]، وقوله في حقِّ رسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم -: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: ١١]، ثمَّ قال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: ١٧].

وكذلك الأذنُ هي رسولُه المؤدِّي إليه، وكذلك اللسانُ تَرْجُمانُه.

وبالجملة؛ فسائر الأعضاء خَدَمُه وجنودُه، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنَّ في الجسد مُضغةً إذا صلَحت صلَح لها سائرُ الجسد، وإذا فسَدت فسَد لها سائرُ الجسد، ألا وهي القلب» (٣).

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «القلبُ مَلِكٌ، والأعضاءُ جنودُه، فإن طابَ المَلِكُ طابت جنودُه، وإذا خَبُثَ المَلِكُ خَبُثَت جنودُه» (٤).

وجُعِلَت الرئةُ له كالمِرْوَحة تُروِّحُ عليه دائمًا؛ لأنه أشدُّ الأعضاء حرارةً، بل هو منبعُ الحرارة.

وأما الدِّماغُ ــ وهو المُخُّ ــ، فإنه جُعِل باردًا، واختُلِفَ في حكمة ذلك (٥):


(١) (ص: ٢٩٣).
(٢) كما تقدم (ص: ٢٩٠).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير.
(٤) أخرجه معمر في «الجامع» (١١/ ٢٢١)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (١/ ٣٥٠) بإسنادٍ جيد.
ورُوِيَ مرفوعًا، ولا يصح. انظر: «الكامل» (٢/ ٢١٥).
(٥) انظر: «القانون» (٢/ ٦)، و «شرح تشريح القانون» لابن النفيس (١١٤).