للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجديرٌ بمن له مُسْكةٌ من عقلٍ أن يسافر بفكره في هذه النِّعَم والآلاء، ويكرِّر ذِكرَها، لعلَّه يُوقِفُه على المراد منها ما هو؟ ولأيِّ شيءٍ خُلِق؟ ولماذا هُيِّاء؟ وأيُّ أمرٍ طُلِب منه على هذه النِّعَم (١)؛ كما قال تعالى: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: ٦٩].

فذِكرُ آلائه تبارك وتعالى ونِعَمه على عبده سببُ الفلاح والسَّعادة؛ لأنَّ ذلك لا يزيدُه إلا محبةً لله وحمدًا وشكرًا وطاعةً وشُهودَ تقصيره ــ بل تفريطه ــ في القليل مما يجبُ لله عليه.

ولله درُّ القائل:

قد هيَّؤُوكَ لأمرٍ لو فَطِنْتَ له ... فاربَأ بنفسِكَ أن ترعى مع الهَمَلِ (٢)

فصل (٣)

ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في شجر اليَقْطين والبِطِّيخ والخِرْبِز (٤)، كيف لما اقتضت الحكمةُ أن يكونَ حملُه ثمارًا كبارًا جُعِل نباتُه منبسطًا على الأرض؛ إذ لو انتصبَ قائمًا كما ينتصبُ الزَّرعُ لضَعُفَت قوَّتُه عن حمل هذه الثِّمار الثَّقيلة، ولنَفَضت (٥) قبل إدراكها وانتهائها إلى غاياتها.


(١) (ت): «في هذه النعم».
(٢) مضى تخريج البيت (ص: ٣٨٠).
(٣) «الدلائل والاعتبار» (٢٣)، «توحيد المفضل» (١٠٤).
(٤) (ق، د، ت): «والجزر». تحريف. والمثبت من (ن، ر). وفي (ض): «الدباء والقثاء والبطيخ».
(٥) سقَطَت. والنَّفَض: ما تساقط من الثمر. وفي (ت): «ولنقضت». (ح): «ولانقضت». (ق، ن): «ولنقصت». وأهملت في (د). (ر، ض): «ولتقصفت».