للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر (١):

وما أنا ممَّن يزجرُ الطَّيرَ همُّه ... أطارَ غُرابٌ (٢) أم تعرَّض ثعلبُ

ولا السَّانحاتُ البارحاتُ عشيَّةً ... أمَرَّ سليمُ القَرنِ (٣) أم مرَّ أعضَبُ

وقال آخرُ (٤) يمدحُ منكِرها:

وليس بهيَّابٍ إذا شدَّ رحلَه ... يقولُ: عَدَاني اليومَ واقٍ وحاتمُ

ولكنَّه يمضي على ذاك مُقْدِمًا ... إذا صدَّ عن تلك الهَنَاتِ الخُثَارِم

يعني بالواقِ: الصُّرَد، وبالحاتم: الغُراب؛ سمَّوه حاتمًا كأنه عندهم (٥) يَحتِمُ بالفراق. والخُثَارِم: العاجز، الضعيف الرَّأي، المتطيِّر.

وقد شفى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّته في الطِّيَرة حيث سئل عنها، فقال: «ذاك شيءٌ يجدُه أحدُكم فلا يَصُدَّنَّه» (٦).

وفي أثرٍ آخر: «إذا تطيَّرتَ فلا ترجِع» (٧)، أي: امضِ لما قصَدتَ له ولا


(١) وهو الكميت الأسدي، من هاشميَّةٍ هي من جيِّد شعره. انظر: «شرح هاشميات الكميت» (٤٤)، و «الزهرة» (٣٤٢)، وغيرهما.
(٢) في عامة المصادر: «أصاح غراب». وهو أجود.
(٣) في الأصول: «سليم القلب». وهو تحريف.
(٤) وهو خثيم بن عدي الكلبي، ولقبه: الرقاص، في «التكملة» (وقى)، و «شرح أدب الكاتب» للجواليقي (٢٤٣)، و «الحيوان» (٣/ ٤٣٧)، وغيرها.
(٥) (ق): «لأنه كأنهم عندهم».
(٦) أخرجه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم.
(٧) أخرجه معمر في «الجامع» (١٠/ ٤٠٣)، ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (٣/ ٣٧١)، وابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» (٨٣) ــ واللفظ له ــ من حديث إسماعيل بن أمية مرسلًا.
وللحديث شواهد. انظر: «التمهيد» (٦/ ١٢٥)، و «فتح الباري» (١٠/ ٢١٣)، و «السلسلة الصحيحة» (٣٩٤٢)، و «الضعيفة» (٤٠١٩).