للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أنها إنما يمتنعُ أن تكون دارَ تكليفٍ إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة، فحينئذٍ ينقطعُ التكليف، وأما امتناعُ وقوع التكليف فيها في دار الدنيا فلا دليل عليه.

الثاني: أنَّ التكليفَ فيها لم يكن بالأعمال التي يُكلَّف بها الناسُ في الدنيا، من الصيام والصلاة والجهاد ونحوها، وإنما كان حَجْرًا عليه في شجرةٍ من جملة أشجارها (١)، وهذا لا يمتنعُ وقوعُه في جنة الخلد، كما أنَّ كلَّ أحدٍ محجورٌ عليه أن يَقْرَبَ أهلَ غيره فيها.

فإن أردتم بأنَّ الجنة ليست دارَ تكليفٍ امتناعَ وقوع مثل هذا فيها في وقتٍ من الأوقات فلا دليل لكم عليه، وإن أردتم أنَّ غالبَ التكاليف التي تكونُ في الدنيا منتفيةٌ فيها فهو حقٌّ ولكن لا يدلُّ على مطلوبكم.

قالوا: وهذا كما أنه مُوجَبُ الأدلة، فهو قولُ (٢) سلف الأمة، فلا نعرفُ (٣) بقولكم قائلًا من أئمة العلم، ولا يُعَرَّجُ عليه، ولا يُلْتفَت إليه.

وقال الأولون: الجوابُ عمَّا ذكرتم من وجهين؛ مجمل ومفصَّل:

أما المجمل: فإنكم لم تأتوا على قولكم بدليلٍ يتعيَّنُ المصيرُ إليه، لا من قرآنٍ، ولا من سنَّة، ولا من أثرٍ ثابتٍ عن أحدٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا التابعين، لا مسندًا ولا مقطوعًا.

ونحن نُوجِدُكم من قال بقولنا:


(١) (ت): "من بعض جملة أشجارها".
(٢) في الأصول: "وقول". والمثبت أشبه بالسياق.
(٣) (ق، د، ح، ن): "يعرف".