للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسنةَ تمحوها، فكيف بما هو من أفضل الحسنات وأجلِّ الطَّاعات؟! فالعمدةُ على ذلك لا على حديث أبي داود (١)، والله أعلم.

وقد رُوِي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنَّ الرجل ليخرجُ من منزله وعليه من الذنوب مثلُ جبل تهامة، فإذا سمعَ العلمَ خاف ورجعَ وتاب؛ فانصرفَ إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالسَ العلماء» (٢).

الوجه الثاني والستون: ما رواه ابن ماجه في «سننه» من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا في المسجد مجلسان: مجلسٌ يتفقَّهون، ومجلسٌ يَدْعُون الله تعالى ويسألونه؛ فقال: «كلا المجلسين إلى خير؛ أمَّا هؤلاء فيَدْعُون الله، وأمَّا هؤلاء فيتعلَّمون ويفقِّهون الجاهل، هؤلاء أفضل، بالتعليم أُرْسِلْتُ»، ثمَّ قعدَ معهم (٣).

الوجه الثالث والستون: أنَّ الله تبارك وتعالى يباهي ملائكتَه بالقوم الذين يتذاكرون العلم، ويذكرون اللهَ ويحمدُونه على ما منَّ عليهم به منه.

قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطَّار: حدثنا أبو نَعامة، عن أبي عثمان، عن أبي سعيد، قال: خرج معاويةُ


(١) نُفَيع الأعمى، المتقدِّم، وهو: «من طلب العلم كان كفارة لما مضى».
(٢) أورده الغزالي في «الإحياء» (١/ ٣٤٩). ولم أجده مسندًا.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٢٩)، وابن المبارك في «الزهد» (١٣٨٨)، والطيالسي (٢٣٦٥)، والبزار (٢٤٥٨)، وغيرهم بإسنادٍ فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وهو ضعيفُ الحديث، وقد اضطرب في تسمية شيخه.