للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وربَّما وقع في النَّوع الإنسانيِّ تشابهٌ بين اثنين لا يكادُ يميَّز بينهما، فتعظُم عليهم المؤنةُ في معاملتهما، وتشتدُّ الحاجةُ إلى تمييز المستحقِّ منهما والمؤاخَذ بذنبه ومن عليه الحقُّ (١)، وإذا كان يَعْرِضُ هذا في التَّشابه في الأسماء كثيرًا، ويلقى الشاهدُ والحاكمُ من ذلك ما يلقى، فما الظنُّ لو وُضِعَ التشابُه (٢) في الخِلقة والصُّورة؟!

ولمَّا كان الحيوانُ البهيمُ والطَّيرُ والوحوشُ لا يضرُّها هذا التَّشابهُ شيئًا لم تَدْعُ الحكمةُ إلى الفرق بين كلِّ زوجين منها.

فتبارك الله أحسنُ الخالقين، الذي وسعت حكمتُه كلَّ شيء.

فصل (٣)

ثمَّ تأمَّل لم صارت المرأةُ والرجلُ إذا أدركا اشتركا في نبات العانة، ثمَّ ينفردُ الرجلُ عن المرأة باللِّحية؟

فإنَّ الله عزَّ وجلَّ لمَّا جعل الرجل قيِّمًا على المرأة، وجعلها كالخَوَل له والعاني في يديه (٤)، ميَّزه عليها بما فيه له المهابةُ والعزُّ والوقارُ والجلالة؛ لكماله وحاجته إلى ذلك، ومُنِعَتها المرأةُ لكمال الاستمتاع بها والتلذُّذ؛


(١) (ق، ت، د): «وأن عليه الحق».
(٢) (ن): «لو وقع التشابه».
(٣) «الدلائل والاعتبار» (٦٥)، «توحيد المفضل» (٤٩).
(٤) الخَوَل: العبيد والإماء وغيرُهم من الحاشية. والعاني: الأسير. وفي وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء في خطبة حجة الوداع: «واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوانٍ عندكم». أخرجه الترمذي (١١٦٣) وقال: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. ومعنى قوله عوانٍ عندكم يعني: أسرى في أيديكم».