للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ينتقص (١).

وأعجبُ من هذا كلِّه تصويرُه في الرَّحِم حيثُ لا تراه العيون، ولا تلمسُه الأيدي، ولا تصلُ إليه الآلات؛ فيخرجُ بشرًا سويًّا مستوفيًا (٢) لكلِّ ما فيه مصلحتُه وقِوَامُه مِنْ عضوٍ وحاسَّةٍ وآلةٍ من الأحشاء، والجوارح، والحوامل، والأعصاب، والرِّباطات، والأغشية، والعظام المختلفة الشَّكل والقَدْر والمنفعة والموضع، إلى غير ذلك من اللحم والشَّحم والمخِّ، وما في ذلك من دقيق التَّركيب، ولطيف الخِلْقة، وخفيِّ الحكمة، وبديع الصَّنعة.

كلُّ هذا صنعُ الله أحسن الخالقين، في قطرةٍ من ماءٍ مهين.

وما كرَّر عليك في كتابه مبدأ خَلْقِك وإعادته (٣)، ودعاك إلى التفكُّر فيه، إلا لما لك من العبرة والمعرفة.

فلا تَسْتَطِل هذا الفصلَ وما فيه من نوع تكرارٍ يشتملُ على مزيد فائدة؛ فإنَّ الحاجة إليه ماسَّة، والمنفعة به عظيمة.

فانظُر إلى بعض ما خصَّك به وفضَّلك به على البهائم المهملة، إذ خلقَك على هيئةٍ تنتصبُ قائمًا، وتستوي جالسًا، وتستقبلُ الأشياء ببدنك، وتُقبِلُ عليها بجملتك، فيمكنُك العملُ والصَّلاحُ والتَّدبير (٤)، ولو كنت كذوات الأربع المكبوبة على وجهها لم يَظهر لك فضيلةُ التَّمييز


(١) (ر): «لا يتزيد ولا يتنقص». (ق): «لا تتزايل ولا تتفكك ولا تنتقص».
(٢) (ن): «مستويا».
(٣) (ت): «وأعاده». وهي قراءة محتملة.
(٤) «والتدبير» ليست في (ق).