للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوقَفَها عند ظاهرٍ من العلم بالحياة الدُّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون؛ لدناءتها وخِسَّتها وحقارتها وعدم أهليَّتها لمعرفته ومعرفة أسمائه وصفاته وأسرار دينه وشرعه، والفضلُ بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

وهذا بابٌ لا يطَّلعُ الخلقُ منه على ما له نسبةٌ إلى الخافي عنهم منه أبدًا، بل علمُ الأوَّلين والآخرين منه كنقرة العصفور من البحر، ومع هذا فليس ذلك بمُوجِبٍ للإعراض عنه واليأس منه، بل يستدلُّ العاقلُ بما ظهر له منه على (١) ما وراءه.

فصل (٢)

ثمَّ تأمَّل أولاد (٣) ذواتِ الأربع من الحيوان، كيف تراها تتبعُ أمَّهاتها مستقلَّةً بأنفُسها، فلا تحتاجُ إلى الحمل والتَّربية كما يحتاجُ إليه أولادُ الإنس، فمن أجلِ (٤) أنه ليس عند أمَّهاتها ما عند أمَّهاتِ البَشَر من التَّربية والمُلاطفة والرِّفق والآلات المتَّصلة والمنفصلة (٥) = أعطاها اللطيفُ الخبيرُ النُّهوض والاستقلالَ بأنفسها، على قُرب العهد بالولادة.


(١) (ن): «علم».
(٢) «الدلائل والاعتبار» (٢٧)، «توحيد المفضل» (٥٤ - ٥٥).
(٣) (ح): «أولي». وفي باقي الأصول: «أولا»، وضبطت بالتنوين في (د). والمثبت أقوم. وانظر: «الحيوان» (٢/ ٣٣٣). وتأمل اللحاق. والعبارة في (ض): «انظر الآن إلى ذوات الأربع». وفي (ر): «انظر إلى أولاد ذوات الأربع».
(٤) (ق): «فمن أجل ذلك».
(٥) (ر): «الترفق والعلم والتربية والقوة عليها بالأكف والأصابع المهيأة لذلك».