للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولن تجدَ بين القسمين واسطةً أبدًا.

فلا تُتْعِبْ ذِهنَك بهذيانات الملحدين؛ فإنها عند من عرَفها من هَوَس الشياطين، وخيالات المبطلين. وإذا طَلَعَ فجرُ الهدى، وأشرقَت شمسُ النبوَّة (١)؛ فعساكرُ تلك الخيالات والوساوس في أوَّل المنهزمين، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

فصل (٢)

ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في خَلق النَّار على ما هي عليه من الكُمُون (٣) والظُّهور؛ فإنها لو كانت ظاهرةً أبدًا ــ كالماء والهواء ــ كانت تُحْرِقُ العالم وتنتشرُ ويعظُم الضررُ بها والمفسدة، ولو كانت كامنةً لا تَظْهَرُ أبدًا لفاتت المصالحُ المترتبةُ على وجودها.

فاقتضت حكمةُ العزيز العليم (٤) أنْ جعَلها مخزونةً في الأجسام، يخرجُها وينفُثها الرَّجلُ (٥) عند حاجته إليها، فيُمسِكها ويحبسُها بمادَّةٍ يجعلُها فيها من الحطب ونحوه، فلا يزالُ حابِسَها ما احتاجَ إلى بقائها، فإذا استغنى عنها وتركَ حبسَها بالمادَّة خَبَتْ بإذن ربها وفاطرها، فسقطت المؤنةُ والمضرَّةُ ببقائها.


(١) (ق، ح، ت، ن): «وأشرقت النبوة».
(٢) «الدلائل والاعتبار» (١١)، «توحيد المفضل» (٩٣ - ٩٤).
(٣) الاستتار والاختفاء.
(٤) (ق، ن): «العزيز الحكيم».
(٥) (ن، ح): «يبقيها». (ت): «ينقشها».