للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمُسْتَنْكَرٍ لله عزَّ وجلَّ ولا يخالفُ حكمتَه أن يخلقَ لها نارًا تُذِيبُها إذْ لم تَلِن لكلامه (١) وذِكْره وزواجره ومواعظه.

فمن لم يَلِن لله في هذه الدَّار قلبُه، ولم يُنِب إليه، ولم يُذِبْهُ بحبِّه والبكاء من خشيته، فليتمتَّع قليلًا، فإنَّ أمامه المُلَيِّن الأعظم، وسيُردُّ إلى عالِم الغيب والشَّهادة فيَرى ويَعْلَم.

فصل

ولمَّا اقتضت حكمتُه تبارك وتعالى أنْ جَعَل من الأرض السَّهْلَ والوَعْر (٢)، والجبالَ والرِّمال؛ ليُنتَفعَ بكلِّ ذلك (٣) في وَجْهِه، ويحصُل منه ما خُلِقَ له، وهُيِّئت الأرض بهذه الآية (٤) = لَزِمَ من ذلك أن صارت كالأمِّ التي تحملُ في بطنها أنواعَ الأولاد من كلِّ صنف، ثمَّ تُخْرِجُ إلى النَّاس والحيوان من ذلك ما أذِنَ لها فيه ربُّها أن تخرجَه، إمَّا بعلمهم (٥)، وإمَّا بدونه، ثمَّ يردُّ إليها ما خرج منها.

وجَعَلها سبحانه كِفاتًا للأحياء ما داموا على ظهرها، فإذا ماتوا استُودِعَتْهم (٦) في بطنها فكانت كِفاتًا لهم؛ تَضُمُّهم على ظهرها أحياءً وفي بطنها أمواتًا، فإذا كان يومُ الوقت المعلوم وقد أثقَلَها الحَمْلُ وحانَ وقتُ


(١) (د، ق، ت، ح): «على كلامه».
(٢) (ق، ت، د): «السهول والوعور».
(٣) (ن): «بكل شيء».
(٤) كذا في الأصول. ولعلها: الهيأة. وفي (ط): «المثابة».
(٥) (ت): «بعلمه». (ح، ن): «بعملهم».
(٦) (ق، د): «استودعهم».