للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واطلبوا العبادةَ طلبًا لا تُضِرُّوا بالعلم؛ فإنَّ قومًا طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أمَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ولو طلبوا العلمَ لم يدلَّهم على ما فعلوا» (١).

والفرقُ بين هذا الوجه وبين ما قبله: أنَّ العلمَ مرتبتُه في الوجه الأول مرتبةُ المطاع المتبوع المقتدى به المتَّبع حكمُه المطاع أمرُه، ومرتبتُه في هذا الوجه مرتبةُ الدليل المرشد إلى المطلوب الموصل إلى الغاية.

الوجه الخامس والسبعون: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثبت في «الصحيح» عنه أنه كان يقول: «اللهمَّ ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشَّهادة، أنت تحكمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم» (٢).

وفي بعض «السنن» أنه كان يكبِّر تكبيرةَ الإحرام في صلاة الليل، ثمَّ يدعو بهذا الدعاء (٣).

والهدايةُ هي العلمُ بالحقِّ مع قصده وإيثاره على غيره، فالمهتدي هو العالِمُ بالحقِّ المريدُ له، وهي أعظمُ نعمةٍ لله على العبد، ولهذا أمرنا سبحانه أن نسأله هدايةَ الصِّراط المستقيم كلَّ يومٍ وليلةٍ في صلواتنا الخمس؛ فإنَّ


(١) علَّقه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ٥٤٥)، وروى بعضه ابنُ أبي شيبة في «المصنف» (١٣/ ٤٩٩).
(٢) «صحيح مسلم» (٧٧٠)، بلفظ: «كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم رب جبرائيل ... ».
(٣) أخرجه أبو داود (٧٦٤). وهو مقتضى رواية مسلم.