للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعلمُ النَّاس أبصرُهم بالحقِّ إذا اختلف النَّاس، وإن كان مقصِّرًا في العمل.

وتحت كلِّ واحدٍ من هذه الأقسام أنواعٌ لا يحصي مقاديرَها وتفاوتها إلا الله.

إذا عُرِف هذا؛ فالقسمُ الأوَّلُ لا ينتفعُ بهذا الباب (١)، ولا يزدادُ به إلا ضلالة، والقسمُ الثَّاني ينتفعُ به بقدر فهمه واستعداده، والقسمُ الثَّالث وإليهم هذا الحديثُ يُسَاق، وهم أولو الألباب الذين يخصُّهم الله في كتابه بخطاب التنبيه والإرشاد، وهم المرادون على الحقيقة بالتَّذكرة؛ قال الله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: ٢٦٩].

فصل

قد شَهِدت الفِطر (٢) والعقولُ بأنَّ للعالم ربًّا قادرًا حكيمًا (٣) عليمًا رحيمًا، كاملًا في ذاته وصفاته، لا يكونُ إلا مريدًا للخير لعباده، مُجْرِيًا لهم على الشريعة والسُّنَّة الفاضلة العائدة باستصلاحهم، الموافقة لما ركَّب في عقولهم من استحسان الحَسَن واستقباح القبيح، وما جَبَل طباعَهم عليه من إيثار النَّافع لهم المصلح لشأنهم وترك الضارِّ المفسد لهم.

وشَهِدت هذه الشريعةُ له بأنه أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ الراحمين، وأنه المحيطُ بكلِّ شيءٍ علمًا.


(١) (ح): «الكتاب».
(٢) (ن): «قد شهدت الفطرة السليمة».
(٣) (ق): «حليما».