للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يعرفُ هذا إلا من اطَّلع على ما عند القوم من أنواع الخيال، وضروب المُحال، وفُنون الوساوس والهوى (١)، والهَوَس والخَبْط، وهم يحسبون أنهم على شيء (٢)، ألا إنهم هم الكاذبون (٣).

فالحمدُ لله الذي منَّ على المؤمنين {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤].

فصل (٤)

ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم، علمِ السَّاعة (٥) ومعرفة آجالهم، وفي ذلك من الحكمة البالغة ما لا يحتاجُ إلى نظر.

فلو عرف الإنسانُ مقدار عمره؛ فإن كان قصيرَ العمر لم يتهنَّأ بالعيش، وكيف يتهنَّأ به وهو يترقَّبُ الموت في ذلك الوقت؟! فلولا طولُ الأمل لخرِبَت الدُّنيا، وإنما عمارتُها بالآمال.

وإن كان طويلَ العمر ــ وقد تحقَّق ذلك ــ فهو واثقٌ بالبقاء، فلا يبالي بالانهماك في الشهوات والمعاصي وأنواع الفساد، ويقول: إذا قَرُبَ


(١) «والهوى» ليست في (ق).
(٢) (ت): «وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا على شيء».
(٣) كأن المصنف رحمه الله تعالى يقصد بهؤلاء القوم من الناس: أهل التنجيم. وسيفصِّل الردَّ عليهم فيما يأتي.
(٤) «الدلائل والاعتبار» (٦١)، «توحيد المفضل» (٤١ - ٤٣).
(٥) (ق): «من علم الساعة».