للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرناها (١).

تنبيه: فرقٌ بين نظر الطَّبيب والطَّبائعيِّ في هذه الأمور، وكونه مقصورًا على النَّظر في حِفظ الصِّحة ودَفْع السَّقم، فهو ينظرُ فيها من هذه الجهة فقط= وبين نظر المؤمن العارف فيها، فهو ينظرُ فيها من جهة دلالتها على خالقها وباريها، وما له فيها من الحِكَم البالغة، والنِّعَم السَّابغة، والآلاء التي دعا العبادَ إلى ذِكْرها وشُكرها.

تنبيه: تأمَّل حكمة الله عزَّ وجلَّ في الحفظ والنِّسيان الذي خَصَّ به نوعَ الإنسان وما له فيهما من الحِكم، وما للعبد فيهما من المصالح؛ فإنه لولا القوَّةُ الحافظةُ التي خُصَّ بها لدَخَل عليه الخللُ في أموره كلِّها ولم يَعْرِف ما له وما عليه، ولا ما أخذ ولا ما أعطى، ولا ما سَمِع ورأى، ولا ما قال ولا ما قيل له، ولا ذَكر من أحسَن إليه ولا من أساء إليه، ولا من عامله، ولا من نفَعه فيقرُب منه، ولا من ضرَّه فينأى عنه، ثمَّ كان لا يهتدي الطَّريق الذي سلكه أوَّل مرَّةٍ ولو سلكه مرارًا، ولا يعرفُ (٢) علمًا ولو دَرَسَه عمرَه، ولا ينتفعُ بتجربة، ولا يستطيعُ أن يعتبر شيئًا (٣) على ما مضى، بل كان خليقًا (٤) أن ينسلخ من الإنسانيَّة أصلًا.

فتأمَّل عظيمَ المنفعة عليك في هذه الخِلال، وموقع الواحدة منهنَّ فضلًا عن جميعهنَّ.


(١) انظر: «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (٨١)، و «تفصيل النشأتين» (٩٢)، و «الفوز الأصغر» لمسكويه (٩٢).
(٢) (ر): «يعقل». (ض): «يحفظ».
(٣) (ح، ن): «يعبر». (ت): «يغير».
(٤) (ض): «حقيقا».