للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتبقى (١) نضارةُ وجهها وحُسْنُه لا يَشِينُه الشَّعر.

واشتركا في سائر الشُّعور للحكمة والمنفعة التي فيها.

فصل (٢)

ثمَّ تأمَّل (٣) هذا الصَّوتَ الخارجَ من الحلق وتهيئةَ آلاته، والكلامَ وانتظامَه، والحروفَ ومخارجَها وأدواتها ومقاطعَها وأجراسَها= تجد الحكمةَ الباهرة في هواءٍ ساذَجٍ يخرجُ من الجوف، فيسلكُ في أنبوبة الحنجرة، حتى ينتهي إلى الحلق واللسان والشفتين والأسنان، فيحدثُ له هناك مقاطعُ ونهاياتٌ وأجراس، يُسْمَعُ له عند كلِّ مقطعٍ ونهايةٍ جَرْسٌ متميزٌ منفصلٌ عن الآخر، يحدثُ بسببه الحرف (٤).

فهو صوتٌ واحدٌ ساذَجٌ يجري في قَصَبةٍ واحدةٍ حتى ينتهي إلى مقاطع وحدودٍ تُسمَعُ له منها تسعةٌ وعشرون جَرْسًا، يدورُ عليها الكلامُ كلُّه: أمرُه ونهيُه، وخبرُه واستخبارُه، ونظمُه ونثرُه، وخطبُه ومواعظُه وفصولُه.

فمنه المضحِك، ومنه المبكِي، ومنه المُؤْيِس، ومنه المُطْمِع، ومنه المخوِّف، ومنه المرجِّي، والمسلِّي، والمُحْزِن، والقابضُ للنَّفس والجوارح، والمنشِّطُ لهما، والذي يُسْقِمُ الصَّحيحَ ويُبرِاءُ السَّقيم، ومنه ما يزيلُ النِّعمَ ويُحِلُّ النِّقم، ومنه ما يُستَدفعُ به البلاء، ويُستَجلبُ به النَّعماء،


(١) (ح، ن): «ليبقى».
(٢) «الدلائل والاعتبار» (٥٠)، «توحيد المفضل» (٢٥).
(٣) «ثم» ليست في (د، ق، ح، ن).
(٤) (ح): «تحدث بسبب الحروف». (ت): «يحدث شبيه الحرف».