للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمفكِّر، قد يَبْطُلُ إحساسُهم بألم الجِراحات في تلك الحال، فإذا صَحَوا وعادوا إلى حال الاعتدال أدركوا آلامَها.

هكذا العبدُ إذا حَطَّ عنه الموتُ أحمالَ الدنيا وشواغلَها أحسَّ بهلاكه وخسرانه.

فحَتَّامَ لا تصحو وقد قَرُبَ المَدى ... وحَتَّامَ لا يَنجابُ عن قلبك السُّكْرُ

بلى سوف تصحو حين ينكشِفُ الغِطَا ... وتَذْكُرُ قولي حين لا ينفعُ الذِّكْرُ (١)

فإذا كُشِفَ الغِطَاء، وبَرِحَ الخفاء، وبُلِيَت السرائر، وبَدَت الضمائر، وبُعْثِرَ ما في القبور، وحُصِّل ما في الصدور؛ فحينئذٍ يكونُ الجهلُ ظلمةً على الجاهلين، والعلمُ حسرةً على البطَّالين.

الوجه الرابع والعشرون بعد المئة: قال أبو الدرداء: «من رأى أنَّ الغُدُوَّ إلى العلم ليس بجهادٍ فقد نقصَ في رأيه وعقله» (٢).

وشاهدُ هذا قولُ معاذ، وقد تقدَّم.

الوجه الخامس والعشرون بعد المئة: قولُ أبي الدرداء ــ أيضًا ــ: «لأَنْ أتعلَّم مسألةً أحبُّ إليَّ من قيام ليلة» (٣).

الوجه السادس والعشرون بعد المئة: قولُه أيضًا: «العالمُ والمتعلِّمُ


(١) البيتان في «المدهش» (٣٥٤)، و «شرح النهج» (١٨/ ٧٠) دون نسبة.
(٢) تقدم تخريجه (ص: ١٩٣). وأثر معاذ تقدم قريبًا.
(٣) أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١/ ١٠٢، ١٠٣) بنحوه من وجهين فيهما انقطاع.