للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان العلمُ إمام الإرادة، ومقدَّمًا عليها، ومفصِّلًا لها، ومرشدًا إليها، قدَّمنا الكلام عليه على الكلام على المحبة.

ثم نُتْبِعُه ــ إن شاء الله ــ بعد الفراغ منه كتابًا في الكلام على المحبة، وأقسامها، وأحكامها، وفوائدها، وثمراتها، وأسبابها، وموانعها، وما يقوِّيها، وما يُضْعِفُها، والاستدلال بسائر طرق الأدلَّة من النقل والعقل والفطرة والقياس والاعتبار والذَّوق والوَجْد على تعلُّقها بالإله الحقِّ الذي لا إله غيره، بل لا ينبغي أن تكونَ إلا له، ومِنْ أجله، والردِّ على من أنكر ذلك، وتبيين فساد قوله عقلًا ونقلًا، وفطرةً وقياسًا، وذوقًا ووَجْدًا (١).

فهذا مضمونُ هذه التحفة، وهذه عرائسُ معانيها الآن تُجْلى عليك، وخُودُ أبكارها البديعة الجمال تَرْفُلُ في حُلَلِها وهي تُزَفُّ إليك، فإما «شمسٌ منازلُها بسَعْد الأسعد» (٢)، وإما «خَوْدٌ تُزَفُّ إلى ضريرٍ مُقْعَد» (٣)، فاختر لنفسك إحدى الخُطَّتين، وأنزِلها فيما شئتَ من المنزلتين، ولا بدَّ لكلِّ


(١) وهو كتابه الكبير في المحبة، واسمه: «المورد الصافي والظلُّ الضافي»، ولعله هو «قرة عيون المحبين وروضة العارفين»، أما الصغير فهو «روضة المحبين». انظر: «طريق الهجرتين» (١٢٤)، و «مدارج السالكين» (١/ ٩٢، ٢/ ٥٤، ٣/ ١٩)، و «ابن القيم» للشيخ بكر أبو زيد (٢٥٣، ٣٠٥). وقد بحث المصنف مسائل المحبة كذلك في كتابيه: «الفتوحات القدسية»، و «التحفة المكية»، كما أشار إلى ذلك في «بدائع الفوائد» (٩٥، ٨٤٥، ٨٤٦).
(٢) وهو أحمدُ السُّعود من المنازل. ويقال له: سعد السُّعود. وهو أشهر.
(٣) الخَوْد: الفتاة الشابة الحسنة الخَلْق. وهذا مثلٌ يكثر دورانه في كتب المصنف، وهو شطر بيتٍ للحسين بن الحجاج (ت: ٣٩١) سفيه الأدباء، في «المنتخل» (٥١٦)، و «التمثيل والمحاضرة» (١١٨)، و «اليتيمة» (٣/ ٦٠). ولم أجده في «درة التاج»، و «تلطيف المزاج».