للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا معناه صحيح؛ فإنَّ العالِمَ يُفْسِدُ على الشيطان ما يسعى فيه، ويهدمُ ما يبنيه، فكلما أراد إحياءَ بدعةٍ وإماتةَ سُنَّةٍ حالَ العالِمُ بينه وبين ذلك، فلا شيء أشدُّ عليه من بقاء العالِم بين ظهراني الأمَّة، ولا شيء أحبُّ إليه من زواله من بين أظهرهم؛ ليتمكَّن من إفساد الدِّين وإغواء الأمَّة، وأما العابدُ فغايته أن يجاهدَه ليسلَم منه في خاصَّة نفسه، وهيهات له ذلك.

الوجه التاسع والأربعون: ما روى الترمذيُّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرُ الله وما والاه وعالمٌ ومتعلِّم» (١).

قال الترمذي: «هذا حديثٌ حسن» (٢).

ولمَّا كانت الدنيا حقيرةً عند الله لا تساوي لديه جناح بعوضة، كانت ــ وما فيها ــ في غاية البعد منه، وهذا هو حقيقةُ اللَّعنة.


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٢٢)، وابن ماجه (٤١١٢)، وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة.

وعبد الرحمن فيه ضعف، وقال العقيلي في «الضعفاء» (٢/ ٣٢٦): «لا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله» وانظر: «العلل المتناهية» (٢/ ٧٩٦).
وأخرجه البغويُّ في «شرح السنة» (١٤/ ٢٢٩) مرسلًا، وهو أصحُّ.
ورُوِي من أوجهٍ أخرى معلولة.
انظر: «مسند البزار» (٥/ ١٤٥)، و «علل الدارقطني» (٥/ ٨٩)، و «علل ابن أبي حاتم» (٢/ ١٢٤)، و «جامع العلوم والحكم» (٥٥٩).
(٢) وفي «تحفة الأشراف» (١٠/ ١٣٧)، و «تهذيب الكمال» (٢٠/ ١١٠): «حسن غريب».