للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: ٥]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [الإسراء: ١٢].

فصل (١)

ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في طلوع الشمس على العالم، كيف قدَّره العزيزُ العليمُ سبحانه؛ فإنها لو كانت تطلُع في موضعٍ من السَّماء فتَقِفُ فيه ولا تَعْدُوه لما وَصَل شعاعُها إلى كثيرٍ من الجهات؛ لأنَّ ظِلَّ أحد جوانب كُرة الأرض يحجُبها عن الجانب الآخر (٢)، فكان يكونُ الليلُ دائمًا سَرْمدًا على من لم تطلُع عليهم، والنَّهارُ دائمًا سَرْمدًا على من هي طالعةٌ عليهم، فيفسُد هؤلاء وهؤلاء.

فاقتضت الحكمةُ الإلهيَّةُ والعنايةُ الربَّانيَّةُ أن قدَّر طلوعَها من أوَّل النَّهار من المشرق، فتُشْرِقُ على ما قابَلها (٣) من الأفق الغربيِّ، ثمَّ لا تزالُ تدورُ وتغشى جهةً بعد جهةٍ حتى تنتهي إلى المغرب، فتُشْرِق على ما استَتر عنها في أوَّل النَّهار، فيختلف عندهم الليلُ والنَّهار، فتنتظم مصالحهم.


(١) «الدلائل والاعتبار» (٥)، «توحيد المفضل» (٨١).
(٢) (ر، ض): «لأن الجبال والجدران كانت تحجبها عنها».
(٣) (ح): «على ما قاربها».