للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن موضع الدَّلالة فيها.

فصل (١)

ثمَّ تَأمَّل هذا الرَّيعَ (٢) والنَّماء الذي وضعه الله في الزَّرع، حتى صارت الحبَّةُ الواحدةُ ربما أنبتت سبعَ مئة حبَّة (٣)، ولم تنبت الحبَّةُ حبَّةً واحدةً مثلها؛ ليكون في الغَلَّة متَّسعٌ لما يُرَدُّ في الأرض من الحَبِّ وما يكفي النَّاس ويَقُوتُ الزَّارعَ إلى إدراك زرعه. فصار الزرعُ يَرِيعُ هذا الرَّيعَ ليفيَ بما يحتاجُ إليه للقوت والزِّراعة.

وكذلك ثمارُ الأشجار والنَّخيل، وكذلك ما يخرجُ مع الأصل الواحد منها من الصِّنوان؛ ليكون لما يقطعُه النَّاسُ (٤) من ذلك ويستعملونه في مآربهم خَلَفًا، فلا تَبطُل المادَّةُ عليهم ولا تَنقُص.

ولو أنَّ صاحبَ بلدٍ من البلاد أراد عِمارتَه لأعطى أهلَه ما يَبْذُرونه فيه (٥) وما يُقِيتهُم إلى استواء الزَّرع، فاقتضت حكمةُ اللطيف الخبير أن أخرجَ من الحبَّة الواحدة حبَّاتٍ عديدة؛ ليُقِيتَ الخارجُ النَّاسَ ويدَّخرون منه ما يزرعون.


(١) «الدلائل والاعتبار» (١٩)، «توحيد المفضل» (٩٩ - ١٠٠).
(٢) وهو النماء والزيادة. «اللسان» (ريع).
(٣) (ر، ض): «مئة حبة وأكثر وأقل». وهو أجود.
(٤) (ت، د): «افلس»، وفي طرة (د): «لعله: الناس». وكذلك هي في (ر، ض).
(٥) (ق، د، ت): «فيهم».