كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم

وجوه فضل العلم - الوجه الخامس والأربعون والمئة: تجرؤ الهدهد على سليمان ونجاته منه بالعلم - ج: 1 - ص: 494

وبين النُّور والظُّلمة، وبين الظِّلِّ والحَرُور، وبين أصحاب الجنة وأصحاب النار، وبين الأبكم العاجز الذي لا يَقْدِرُ على شيءٍ ومن يأمُرُ بالعدل وهو على صراطٍ مستقيم، وبين المؤمنين والكفار، وبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمفسدين في الأرض، وبين المتَّقين والفجَّار.

فهذه عشرةُ مواضع في القرآن (١) نفى فيها التسويةَ بين هؤلاء الأصناف، وهذا يدلُّ على أنَّ منزلة العالِم من الجاهل كمنزلة النُّور من الظُّلمة، والظِّلِّ من الحَرُور، والطيِّب من الخبيث، ومنزلة كلِّ واحدٍ من هذه الأصناف مع مُقابِله.

وهذا كافٍ في شرف العلم وأهله.

بل إذا تأمَّلتَ هذه الأصنافَ كلَّها وجدتَ نفيَ التسوية بينها راجعًا إلى العلم ومُوجَبه؛ فبه وقع التفضيلُ (٢) وانتفت المساواة.

الوجه الخامس والأربعون بعد المئة: أنَّ سليمان لما تواعَد (٣) الهدهدَ بأن يعذِّبه عذابًا شديدًا أو يذبحه، إنما نجا منه بالعلم، وأقْدَمَ عليه في خطابه

---

(١) وهي ــ على التوالي ــ: الزمر: ٩، المائدة: ١٠٠، فاطر: ١٩، ٢٠، ٢١، الحشر: ٢٠، النحل: ٧٦، السجدة: ١٨، ص: ٢٨.
(٢) (ح، ن): «التفصيل».
(٣) (ق، ح، ن): «توعد». والمثبت من (د، ت). أي: تهدَّده. وهي لغةٌ فصيحةٌ أخلَّت بها المعاجم، ووردت كثيرًا في كلام الصدر الأول فمن بعدهم. انظر: «موطأ مالك» (١٠٠٩)، و «مصنف عبد الرزاق» (١٠٧٨٨، ١٧١٠٣)، و «أخبار مكة» للفاكهي (١٦٥٩، ٢١٦٢)، و «سنن البيهقي» (٧/ ٢٠٩)، و «عون المعبود» (٣/ ٩٩ - الطبعة الهندية)، وغيرها. وكذلك وقعت بخط المصنف في «طريق الهجرتين» (٦٣٠).