للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان هذا بوله الذي لا يخطرُ بالبال أنَّ فيه منفعةً البتة، فما الظَّنُّ بجُملته؟!

ولقد أخبَر بعض من شُهِدَ (١) بصدقه أنه رأى دُخَّلًا (٢) ــ وهو طائرٌ معروف ــ قد عَشَّش في شجرة، فنظر إلى حيَّةٍ عظيمةٍ قد أقبلت نحو عُشِّه فاتحةً فاها لتبتلعه، فبينما هو يضطربُ في حيلة النَّجاة منها إذ وَجَد حَسَكةً (٣) في العُشِّ، فحملها فألقاها في فَم الحيَّة، فلم تزل تلتوي حتى ماتت (٤).

فصل (٥)

ثمَّ تأمَّل أحوال النَّحل وما فيها من العِبَر والآيات.


(١) (ق): «شهر».
(٢) (ق، د): «رخلا». (ن): «رخما». (ح): «رخا». (ت): «رجلا»!. وكل أولئك تحريف. والمثبت من (ر). وفي (ض)، و «بحار الأنوار» (٣/ ١٠٨، ٦١/ ٦٩): «ابن تمرة»، وهو طائر صغير. وفي «البصائر والذخائر»: «عصفورا». والدُّخَّل: طائر صغير مثل العصفور يأوي إلى الغِيران والشجر الملتف. «معجم الحيوان» (٢٤٢، ٢٤٣، ٢٦١). أما الرخُّ فطائرٌ أسطوريٌّ ضخم جدًّا، والرخمة تشبه النسر ولا تعشِّش في الأشجار بل تختار لبيضها أطراف الجبال الشاهقة وصدع الصخور، كما في «معجم الحيوان» (٢٠٧، ٢٥٩)؛ فلا يناسب ذكرهما ما ترومه القصة من بيان عظيم لطف الله في هبة الضعيف ما يحتال به للدفاع عن نفسه.
(٣) وهي شوكةٌ صلبةٌ معروفة. وفي طرة (ح): «لعله: خفاشًا»، ذهَب إلى أن السِّياق في بيان منافع وحِكَم خلق الخفاش، فلم يصب.
(٤) انظر: «البصائر والذخائر» (٦/ ٧٨). وفي «الحيوان» (٧/ ٢٣)، و «الإمتاع والمؤانسة» (٢/ ١٠٤)، و «محاضرات الأدباء» (٤/ ٧٤٧) قصةٌ أخرى نحوها.
(٥) «الدلائل والاعتبار» (٤١)، «توحيد المفضل» (٧٤)، ولم ينقل عنه شيئًا ذا بال.