للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتبِرْ هذا بحال الصِّدِّيق رضي الله عنه؛ فإنه أفضلُ الأمَّة، ومعلومٌ أنَّ فيهم من هو أكثرُ عملًا وحجًّا وصومًا وصلاةً وقراءةً منه، قال أبو بكر بن عياش: «ما سَبقهم أبو بكرٍ بكثرة صومٍ ولا صلاة، ولكن بشيءٍ وَقَرَ في قلبه» (١).

وهذا موضعُ المثل المشهور (٢):

مَنْ لي بمثل سَيْرِكَ المُدَلَّلِ ... تمشي رُوَيْدًا (٣) وتجي في الأول

الوجه الثالث والسبعون: أنَّ العلمَ إمامُ العمل وقائدٌ له، والعملُ تابعٌ له ومؤتمٌّ به، فكلُّ عملٍ لا يكونُ خَلْفَ العلم مقتديًا به فهو غيرُ نافعٍ لصاحبه، بل مضرَّةٌ عليه، كما قال بعضُ السَّلف: «من عبد الله بغير علمٍ كان ما يُفْسِدُ


(١) أخرجه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ق: ٤١/ب)، و «الصلاة» (٨٠) من قول بكر بن عبد الله المزني بإسنادٍ صحيح.
ولم أقف عليه من قول أبي بكر بن عياش.
ورفعه بعضهم، ولا أصل له، وذكره المصنفُ فيما وَضَعَتْهُ جهلةُ المنتسبين إلى السُّنَّة في فضائل الصِّدِّيق رضي الله عنه. انظر: «المنار المنيف» (٩٢)، و «المغني عن حمل الأسفار» (١/ ٢٣).
(٢) أنشده ابن تيمية، في «مشيخة اليونيني». انظر: «الرد الوافر» (١٥٣)، و «المنهل الصافي» (١/ ٥٢). وهو في «مدارج السالكين» (٣/ ٧، ١٤٤)، و «طريق الهجرتين» (٥٠٤)، و «لطائف المعارف» لابن رجب (٤٣٢، ٤٤٩).

وفي مثلٍ مشهورٍ يُضْرَبُ للرجل يدرك حاجته في تؤدة ودعة:
* يمشي رويدًا ويكون أوَّلا *
انظر: «المعاني الكبير» (١/ ٧٦)، و «مجمع الأمثال» (٢/ ٢٥٣).
(٣) (ح، ن): «الهوينا».