للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثرَ مما يُصْلِح» (١).

والأعمالُ إنما تتفاوتُ في القبول والردِّ بحسب موافقتها للعلم ومخالفتها له، فالعملُ الموافقُ للعلم هو المقبول، والمخالفُ له هو المردود؛ فالعلمُ هو الميزانُ وهو المِحَكُّ.

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: ٢]؛ قال الفضيل بن عياض: «هو أخلصُ العمل وأصوبُه»، قالوا: يا أبا عليٍّ، ما أخلصُه وأصوبُه؟ قال: «إنَّ العملَ إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقْبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقْبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا، فالخالصُ أن يكون لله، والصَّوابُ أن يكون على السُّنَّة» (٢).

وقد قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

فهذا هو العملُ المقبولُ الذي لا يقبلُ الله من الأعمال سواه؛ وهو أن يكون موافقًا لسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مرادًا به وجهُ الله.

ولا يتمكَّن العاملُ من الإتيان بعملٍ يجمعُ هذين الوصفين إلا بالعلم؛


(١) أخرجه أحمد في «الزهد» (٣٠١)، وابن أبي شيبة (١٣/ ٤٧٠)، والدارمي (٣٠٥)، والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٤٣١)، وغيرهم من طرقٍ عن عمر بن عبد العزيز.
وسيأتي من قول الحسن البصري.
وروي مرفوعًا في حديثٍ لا يصح، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (٨٣٠ - زوائده)، وأبو نعيم في «الحلية» (٣/ ٣٠٣).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخلاص والنية» (٢٢)، - ومن طريقه الثعلبي في «الكشف والبيان» (٩/ ٣٥٦) -، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٩٥).