وإذا تأمَّلتَ ما دعا الله سبحانه في كتابه عبادَه إلى الفِكْر فيه أوقَعكَ على العلم به سبحانه وتعالى وبوحدانيته وصفات كماله ونعوت جلاله، مِنْ عموم قدرته وعلمه وكمال حكمته ورحمته وإحسانه وبِرِّه ولُطْفِه وعدله ورضاه وغضبه وثوابه وعقابه؛ فبهذا تعرَّف إلى عباده، وندبهم إلى التفكُّر في آياته.
ونذكرُ لذلك أمثلةً مما ذكرها الله سبحانه في كتابه؛ ليُسْتَدلَّ بها على غيرها:
فمِنْ ذلك: خَلْقُ الإنسان، وقد نَدَبَ سبحانه إلى التفكُّر فيه والنظر في غير موضعٍ من كتابه؛ كقوله تعالى:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}[الطارق: ٥]، وقوله تعالى:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[الذاريات: ٢١].
(١) انظر لهذا الفصل وما بعده مما يتعلَّق بعجائب خلق الإنسان وباقي المخلوقات: «أيمان القرآن» للمصنف (٤٤٦ - ٦٣٦)، وقال في خاتمة بحثه: «وهذا فصلٌ جرَّه الكلام في قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١]، أشرنا إليه إشارةً، ولو استقصيناه لاستدعى عدة أسفار، ولكن فيما ذكرناه تنبيهٌ على ما تركناه»، و «شفاء العليل» (٦٣٥ - ٦٤٩)، وقال: «وهذا بابٌ لو تتبَّعناه لجاء عدة أسفار ... ».