وهذا كثيرٌ في القرآن؛ يدعو العبدَ إلى النظر والفِكْر في مبدأ خلقه ووسطه وآخره؛ إذ نفسُه وخلقُه من أعظم الدَّلائل على خالقه وفاطره، وأقربُ شيءٍ إلى الإنسان نفْسُه، وفيه من العجائب الدَّالَّة على عظمة الله ما تنقضي الأعمارُ في الوقوف على بعضه؛ وهو غافلٌ عنه، مُعرِضٌ عن التفكُّر فيه، ولو فكَّر في نفسه لزجرهُ ما يعلمُ من عجائب خَلْقِها عن كُفْرِه؛ قال الله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: ١٧ - ٢٢].
فلم يكرِّر سبحانه على أسماعنا وعقولنا ذِكرَ هذا لنسمع لفظ النُّطفة (١)