للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت ترى الكوكبَ كأنه واقفٌ لا يسير (١)، وهو من أوَّل (٢) جزءٍ من طلوعه إلى تمام طلوعه يكونُ فَلَكُه قد طلَع بقَدْر مسافة الأرض مئة مرَّةٍ أو أكثر، وذلك بقَدْر لحظةٍ واحدة؛ لأنَّ الكوكبَ إذا كان بقَدْر الأرض مئة مرَّةٍ ــ مثلًا ــ ثمَّ سار في اللحظة من موضعٍ إلى موضعٍ فقد قَطع بقَدْر مسافة الأرض مئة مرَّةٍ وزيادة في لحظةٍ من اللحظات. وهكذا يسيرُ على الدَّوام والعبدُ غافلٌ عنه وعن آياته.

وقال بعضهم: إذا تلفَّظتَ بقولك: لا، نَعَم، فبين اللفظتين تكونُ الشمسُ قد قَطَعَت من الفَلك مسيرةَ خمس مئة عام.

ثمَّ إنه سبحانه أمسك السَّموات مع عِظَمها وعِظَم ما فيها، وثبَّتها مِن غير عِلاقةٍ مِن فوقها (٣) ولا عَمَدٍ مِن تحتها، الله الذي {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان: ١٠ - ١١].

فصل (٤)

والنظرُ في هذه الآيات وأمثالها نوعان:

* نظرٌ إليها بالبصر الظَّاهر؛ فيرى ــ مثلًا ــ زُرقة السَّماء ونجومَها وعُلوَّها


(١) (ح، ن): «كأنه لا يسير».
(٢) (ت، د، ق): «في أول».
(٣) العِلاقة: المِعلاق الذي يُعَلَّقُ به الشيء. «اللسان» (علق).
(٤) «الإحياء» (٤/ ٤٤٥).