للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كانت الأفعالُ اضطراريةً غير اختياريةٍ لم يُتَصَوَّر تعلُّق التكليف والأمر والنهي بها؛ فلو صحَّ الدَّليلُ المذكورُ لبطلت الشرائعُ جملةً.

فهذا هو الدَّليلُ الذي اعتمده ابنُ الخطيب وأبطلَ أدلَّة غيره (١).

* وأمَّا الدَّليلُ الذي اعتمد عليه الآمديُّ (٢)، فهو أنَّ حُسْنَ الفعل لو كان أمرًا زائدًا على ذاته لَزِم قيامُ المعنى بالمعنى، وهو محال؛ لأنَّ العَرَض لا يقومُ بالعَرَض (٣).

وهذا في البطلان من جنس ما قبله؛ فإنه منقوضٌ بما لا يحصى من المعاني التي توصفُ بالمعاني (٤)، كما يقال: علمٌ ضروريٌّ، وعلمٌ كَسْبيٌّ، وإرادةٌ جازمة، وحركةٌ سريعة، وحركةٌ بطيئة، وحركةٌ مستديرة، وحركةٌ مستقيمة، ومِزاجٌ معتدل، ومِزاجٌ منحرف، وسوادٌ برَّاق، وحمرةٌ قانية، وخضرةٌ ناصعة، ولونٌ مشرِق، وصوتٌ شَجٍ، وحِسٌّ (٥) رَخِيمٌ ورفيعٌ ودقيقٌ وغليظ، وأضعافُ أضعاف ذلك مما لا يحصى مما توصفُ المعاني


(١) انظر: «التسعينية» (٩٠٩)، و «الإحكام» للآمدي (١/ ٨٤)، و «بيان المختصر» للأصفهاني (١/ ٣٠٠)، و «رفع الحاجب» (١/ ٤٦٠)، و «درء القول القبيح» للطوفي (٨٧).
(٢) (ت، ق): «ابن الآمدي».
(٣) انظر: «أبكار الأفكار»، و «الإحكام» (١/ ٨٤ - ٨٧)، و «غاية المرام» (٢٣٤)، و «رفع الحاجب» (١/ ٤٥٨).
(٤) وهذا الوجه الأول في ردِّ دليل الآمدي. وانظر له: «الرد على المنطقيين» (٤٢١، ٤٢٢).
(٥) مضبوطة في (د). والحِسُّ: الصوت الخفي. ويشبه أن تكون محرفة عن: «وحَسَن» صفة للصوت، وستأتي بعد قليل. أو عن: «وأجشُّ».