للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الحادي والأربعون بعد المئة: أنَّ الله سبحانه أخبر أنه يجزي المحسنين أجرَهم بأحسن ما كانوا يعملون، وأخبر سبحانه أنه يجزي على الإحسان بالعلم؛ وهذا يدلُّ على أنه من أحسن الجزاء.

* أما المقامُ الأول؛ ففي قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر: ٣٣ - ٣٥]، وهذا يتناول الجزاءين الدنيويَّ والأخروي.

* وأما المقامُ الثاني؛ ففي قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٢٢].

قال الحسن: «من أحسنَ عبادةَ الله في شبيبته لقَّاهُ الله الحكمةَ في شَيبته (١)، وذلك قولُه: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}» (٢).

ومن هذا قولُ بعض العلماء: «تقولُ الحكمة: من التمسني فلم يجدني فليعمل بأحسن ما يعلم، وليترك أقبحَ ما يعلم، فإذا فعل ذلك فأنا معه وإن لم يعرفني» (٣).


(١) (د): «شيبه». «عيون الأخبار»: «سنه»، تحريف. (ح، ن) و «المجالسة»: «عند كبر سنه». «الموضح»: «في بلوغ أشده». والأثر ساقط من (ت).
(٢) «عيون الأخبار» (٢/ ١٢٢). وهو مصدر المصنف. وأخرجه الخطيب في «الموضح» (٢/ ٢٥٣)، والدينوري في «المجالسة» (٣١٥، ٢٥٩٧).
(٣) «عيون الأخبار» (٢/ ١٢٢). وأخرج نحوه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٢٥١) عن يونس بن ميسرة.