للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقِس على هذا جميعَ المخلوقات، من الرِّمال (١) والجبال والأشجار ومقادير الكواكب وهيآتها.

وإذا كان لا سبيل إلى معرفة هذا في الخلق، بل يكفي فيه العلَّةُ العامَّةُ والحكمةُ الشاملة، فهكذا في الأمر يُعْلَمُ أنَّ جميعَ ما أمر به متضمِّنٌ لحكمةٍ بالغة، وأمَّا تفاصيلُ أسرار المأمورات والمنهيَّات فلا سبيل إلى علم البشر به، ولكن يُطْلِعُ الله من شاء من خلقه على ما شاء منه، فاعتصِم بهذا الأصل (٢).

فصل (٣)

حاجةُ النَّاس إلى الشريعة ضروريةٌ فوق حاجتهم إلى كلِّ شيء، ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطبِّ إليها، ألا ترى أنَّ أكثر العالم يعيشون بغير طبيب، ولا يكونُ الطَّبيبُ إلا في بعض المدن الجامعة، وأمَّا أهلُ البَدْو كلُّهم، وأهلُ الكُفُور (٤) كلُّهم، وعامَّةُ بني آدم؛ فلا يحتاجون إلى طبيب، وهم أصحُّ أبدانًا (٥) وأقوى طبيعةً ممَّن هو متقيِّدٌ بالطَّبيب (٦)، ولعلَّ أعمارهم متقاربة.


(١) (ح، ن): «بين الرمال».
(٢) انتهت هنا النسختان (ح، ن). وفي (ح): «تم، ويتلوه في الجزء الثاني: فصل حاجة الناس إلى الشريعة ... ». وفي (ن): «والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، يتلوه إن شاء الله في الجزء الثاني: فصل حاجة الناس إلى الشريعة ... ».
(٣) علق أحد القراء في طرة (ق): «هذا ابتداء النصف الثاني من الكتاب». وليس كما قال. وقد بينا ذلك في المقدمة.
(٤) القُرى الصغيرة. جمع «كَفْر». «المعجم الوسيط» (كفر).
(٥) (ت): «أصلح أبدانا».
(٦) (ت): «مقتد بالطبيب».