للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تؤثِّر (١) فسادًا في القوة العلمية النظرية ما لم يُداوِها بدفعها، والشهوةُ تؤثِّر فسادًا في القوة الإرادية العملية ما لم يُداوِها بإخراجها.

قال الله تعالى في حقِّ نبيِّه يذكرُ ما مَنَّ به عليه مِن نزاهته وطهارته مما يلحقُ غيرَه من ذلك: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ١ - ٢]؛ فـ {مَا ضَلَّ} دليلٌ على كمال علمه ومعرفته، وأنه على الحقِّ المبين، {وَمَا غَوَى} دليلٌ على كمال رشده وأنه أبرُّ العالمين؛ فهو الكاملُ في علمه وفي عمله.

وقد وصفَ - صلى الله عليه وسلم - بذلك خلفاءه من بعده وأمر باتِّباعهم على سنَّتهم (٢)، فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي» رواه الترمذيُّ وغيره (٣)؛ فالراشدُ ضدُّ الغاوي، والمهديُّ ضدُّ الضالِّ.

وقد قال تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [التوبة: ٦٩]، فذكر تعالى


(١) (ت): «تورث».
(٢) (ح): «سننهم».
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٤)، وأحمد (٤/ ١٢٦)، وغيرهم من حديث العرباض بن سارية.
وصححه الترمذي، وابن حبان (٥)، والحاكم (١/ ٩٥) ولم يتعقبه الذهبي، والبزار، وأبو نعيم، والضياء المقدسي، وابن تيمية، وغيرهم. انظر: التعليق على «ذم الكلام» للهروي (٣/ ١٢٥ - ١٤٨ طبعة الغرباء).