للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاقتضت حكمةُ مُبدعِه وخالقه أن بَسَطه ومدَّه على الأرض، ليُلقِيَ عليها ثمارَه فتحملها عنه الأرض. فترى العِرْقَ الضعيفَ الدَّقيقَ من ذلك منبسطًا على الأرض وثمارُه مبثوثةٌ حواليه، كأنه حيوانٌ (١) قد اكتنفها جِراؤها (٢) فهي ترضعُها.

ولما كان شجرُ اللُّوبيا والباذنجان والباقِلَّاء وغيرها مما يَقْوى على حمل ثمرته، أنبتَه الله منتصبًا قائمًا على ساقه؛ إذ لا يَلقى من حمل ثماره مؤنةً ولا يَضْعُف عنها.

فصل (٣)

ثمَّ تأمَّل كيف اقتضت الحكمةُ الإلهيةُ موافاةَ أصناف الفواكه والثِّمار للنَّاس بحسب الوقت المُشاكِل لها المقتضي لها، فتُوافيهم (٤) كمُوافاة الماء للظَّمآن، فتلقَّاها (٥) الطَّبيعةُ (٦) بانشراحٍ واشتياق، منتظرةً لقدومها كانتظار الغائب للغائب.

ولو كان الصيفُ (٧) ونباتُه إنما يوافي في الشتاء لصادفَ من النَّاس كراهةً واستثقالًا بوُروده، مع ما كان فيه من المضرَّة للأبدان والأذى لها، وكذلك لو وافى ربيعُها في الخريف أو خريفُها في الرَّبيع لم يقع من النفوس


(١) (ر، ض): «كأنه هرة ممتدة».
(٢) صِغارها.
(٣) «الدلائل والاعتبار» (٢٣)، «توحيد المفضل» (١٠٥).
(٤) (ن): «فتوافيهم فيه».
(٥) (ن): «فتتلقاها».
(٦) (ض): «النفوس».
(٧) (ن): «فلو كانت فاكهة الصيف».