للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يؤخِّرها عنه؟!

ثمَّ إنه أعطاك الأظفارَ وقتَ حاجتك إليها لمنافع شتى؛ فإنها تُعِينُ الأصابعَ وتقوِّيها، فإنَّ أكثر العمل لما كان برؤوس الأصابع، وعليها الاعتماد، أُعِينَت بالأظفار قوَّةً لها، مع ما فيها من منفعة حَكِّ الجسم وقَشْط الأذى الذي لا يخرجُ باللحم عنه، إلى غير ذلك من فوائدها (١).

ثمَّ جمَّلك بالشَّعر على الرَّأس زينةً ووقايةً وصيانةً من الحرِّ والبرد؛ إذ هو مجمَعُ الحواسِّ ومعدِنُ الفِكر والذِّكر وثمرةُ العقل تنتهي إليه (٢).

ثمَّ خَصَّ الذَّكر بأن جمَّل وجهَه باللِّحية وتوابعها؛ وقارًا وهيبةً وجمالًا، وفصلًا له عن سِنِّ الصِّبا (٣)، وفرقًا بينه وبين الإناث، وبقَّى الأنثى على حالها لما خُلِقَت له من استمتاع الذَّكر بها، فبقَّى وجهَها على حاله ونضارته ليكون أهيجَ للرجُل (٤) على الشَّهوة وأكمل للذَّة الاستمتاع.

فالماءُ واحد، والجوهرُ واحد، والوعاءُ واحد، واللِّقاحُ واحد، فمن الذي أعطى الذَّكر الذُّكورية والأنثى الأنوثية؟!

ولا تلتفِت إلى ما يقوله الجهلةُ من الطَّبائعيِّين في سبب الإذكار والإيناث، وإحالةِ ذلك على الأمور الطَّبيعية التي لا تكادُ تصدُق في هذا الموضع إلا اتفاقًا، وكذبُها أكثر من صدقها.


(١) انظر ما مضى (ص: ٥٤٩، ٥٥٩).
(٢) (ت): «تنتهي». (د): «ينتهي إليه». (ق): «وينتهي إليه».
(٣) (ق، ن): «سن الصبي».
(٤) (ح، ن): «أبهج للرجل».