للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهواء يمتنعُ من الغَوص في الماء (١)، فتتعلَّق به السَّفينةُ المشحونةُ المُوقَرة.

فتأمَّل كيف استجارَ هذا الجسمُ الثَّقيلُ العظيمُ بهذا اللطيف الخفيف وتعلَّق به حتى أمِنَ من الغَرق، وهذا كالذي يَهْوِي في قَلِيبٍ فيتعلَّق بذَيل رجلٍ قويٍّ شديدٍ يمتنعُ عن السُّقوط في القَلِيب فينجو بتعلُّقه به؛ فسبحان من علَّق هذا المَرْكبَ العظيمَ الثَّقيل بهذا الهواء اللطيف مِنْ غير عِلاقةٍ ولا عُقدةٍ تشاهَد (٢).

* ... * ... *

ومن آياته: السَّحابُ المسخَّرُ بين السَّماء والأرض، كيف يُنشِئُه سبحانه (٣) بالرِّياح، فتُثِيرُه كِسَفًا، ثمَّ يؤلِّفُ بينه ويَضمُّ بعضه إلى بعض، ثمَّ تَلْقَحُه الرِّيحُ ــ وهي التي سمَّاها سبحانه: لواقح ــ، ثمَّ يسوقُه على مُتونها إلى الأرض المحتاجة إليه، فإذا علاها واستوى عليها أهراقَ ماءه عليها، فيرسلُ سبحانه عليه الرِّيحَ وهو في الجوِّ فتَذْرُوه وتفرِّقُه؛ لئلَّا يؤذيَ ويهدِم ما ينزلُ عليه بجملته، حتى إذا رَوِيَت وأخذَت حاجتَها منه أقلَع عنها وفارقها؛ فهي رَوايا الأرض محمولةٌ على ظهور الرِّياح.

وفي «التِّرمذي» (٤) وغيره أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا رأى السَّحابَ قال: «هذه روايا الأرض، يسوقُها الله إلى قومٍ لا يشكرونه ولا يَذْكرونه».


(١) «في الماء» ليست في (د، ق، ت).
(٢) «الإحياء»: «من غير علاقة تشاهد وعقدة تشد».
(٣) (د، ق، ت): «سحابة».
(٤) (٣٢٩٨). وهو جزءٌ من حديث أبي هريرة المتقدم قريبًا.