للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتصريف فيها، فهي خلقُ مَن ليس كمثله شيء، وآياتُ مَن آياتُه عبيدٌ مسخَّراتٌ بأمره، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

وأمَّا قولهم: «إنَّ في اتصالات الكواكب نَظَرَ سُعودٍ ونُحوس»، فممَّا أضحكوا به العقلاء عليهم من جميع الأمم، ونادَوا به على جهلهم وضلالهم، وصاروا به مركزًا لكلِّ كذاب، وكلِّ أفَّاك، وكلِّ زنديق، وكلِّ مُفْرِطٍ في الجهل بالنبوَّات وما جاءت به الرُّسل، بل بالحقائق (١) العقليَّة والبراهين اليقينيَّة.

وسنُريك طرفًا من جهالاتهم وكذبهم وتناقضهم وبطلان مقالتهم؛ ليعرفَ اللبيبُ نعمةَ الله عليه في عقله ودينه.

فيقال لهم (٢): المؤثِّرُ في هذه السُّعود والنُّحوس، هل هو الكوكبُ وحده، أو البرجُ وحده، أو الكوكبُ بشرط حصوله في البرج؟

والكلُّ محال:

* أمَّا الأوَّل والثاني، فإنهما يوجبان دوامَ الأثر؛ لكون المؤثِّر دائمَ الثبوت.

* والثالثُ أيضًا محال؛ لأنه لما اختلف أثرُ الكوكب بسبب اختلاف البُرجَيْن لَزِم أن تكون طبيعةُ كلِّ برجٍ مخالفةً (٣) بالماهيَّة لطبيعة البرج


(١) سقطت «بل» من (ق، ت)، فاختلَّ المعنى.
(٢) وهذا هو الوجه الأول من وجوه الرد عليهم وإبطال علم أحكام النجوم. وانظر له: «شرح نهج البلاغة» (٦/ ٢٠٣).
(٣) في الأصول: «مخالف». والمثبت من (ط).