للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملائكةُ بخدمته، وتدخلُ عليهم من كلِّ باب، {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}؟! (١).

وهذا الكمالُ إنما ينالُ بالعلم ورعايته، والقيام بمُوجَبه؛ فعادَ الأمرُ إلى العلم وثمرته، والله الموفِّق.

وأعظمُ النقص وأشدُّ الحسرة: نقصُ القادر على التمام، وحسرتُه على تفويته، كما قال بعض السلف: «إذا كَثُرَت طرقُ الخير كان الخارجُ منها (٢) أشدَّ حسرة» (٣).

وصدق القائل (٤):

ولم أرَ في عيوب الناسِ عيبًا ... كنقصِ القادرينَ على التمام

فثبت أنه لا شيء أقبحُ بالإنسان من أن يكون غافلًا عن الفضائل الدينية والعلوم النافعة والأعمال الصالحة، فمن كان كذلك فهو من الهَمَج الرَّعاع الذين يُكدِّرون الماءَ ويُغْلُون الأسعار، إنْ عاشَ عاشَ غيرَ حَمِيد، وإن مات مات غيرَ فَقِيد، ففقدُهم راحةٌ للبلاد والعباد، ولا تبكي عليهم السماء، ولا تستوحشُ لهم الغبراء.

الوجه السابع والثمانون: أنَّ القلبَ يعترضُه مرضان يتواردان عليه، إذا


(١) انظر: «تفصيل النشأتين» (٥٦)، و «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (٦١)، و «شرح نهج البلاغة» (٢٠/ ٣٠٦).
(٢) أي: دون اغتنام لها.
(٣) انظر: «سراج الملوك» (٢٠٠).
(٤) وهو المتنبي، في ديوانه (٤٧٦).