للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجهُ الثاني والأربعون بعد المئة: أنَّ الله سبحانه جعل العلمَ للقلوب كالمطر للأرض، فكما أنه لا حياة للأرض إلا بالمطر، فكذلك لا حياة للقلب إلا بالعلم.

وفي «الموطأ» (١): «قال لقمانُ لابنه: يا بنيَّ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإنَّ الله تعالى يحيي القلوبَ الميتة بنُور الحكمة كما يحيي (٢) الأرضَ بوابل المطر».

ولهذا، الأرض إنما تحتاجُ إلى المطر في بعض الأوقات، فإذا تتابعَ عليها احتاجت إلى انقطاعه، وأما العلمُ فيحتاجُ إليه القلبُ بعدد الأنفاس، ولا يزيدُه كثرتُه إلا صلاحًا ونفعًا.

الوجهُ الثالث والأربعون بعد المئة: أنَّ كثيرًا من الأخلاق التي لا تُحْمَدُ في الشخص، بل يُذَمُّ عليها، تُحْمَدُ في طلب العلم؛ كالمَلَق (٣)، وترك الاستحياء، والذُّل، والتردُّد إلى أبواب العلماء، ونحوها.

قال ابن قتيبة (٤): جاء في الحديث: «ليس المَلَقُ من أخلاق المؤمنين


(١) «موطأ مالك» (٢٨٥٩) بلاغًا. وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٣٨٧)، والبيهقي في «المدخل» (٤٤٥)، وابن عبد البر في «الجامع» (١/ ٤٣٨، ٤٣٩) من طرقٍ عن جماعةٍ من السلف.
ورُوِي مرفوعًا عند الطبراني في «الكبير» (٨/ ٢٣٥) من حديث أبي أمامة بإسنادٍ ضعيفٍ جدًّا.
(٢) مهملة في (د). (ت، ن) وبعض المصادر: «تحيى».
(٣) وهو الزيادةُ في التودُّد والتلطُّف فوق ما ينبغي. «اللسان» (ملق).
(٤) «عيون الأخبار» (٢/ ١٢٢).