للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرهم (١).

فأمرَ - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ عنه؛ لما في ذلك من حصول الهدى بالتبليغ، وله - صلى الله عليه وسلم - أجرُ من بَلَّغَ عنه وأجرُ من قَبِلَ ذلك البلاغ، وكلما كَثُرَ التبليغُ عنه تضاعفَ له الثواب، فله من الأجر بعدد كلِّ مبلَّغٍ وكلِّ مُهْتَدٍ بذلك البلاغ، سوى ما له من أجر عمله المختصِّ به، فكلُّ من هُدِيَ واهتدى بتبليغه فله أجرُه؛ لأنه هو الداعي إليه.

ولو لم يكن في تبليغ العلم عنه إلا حصولُ ما يحبُّه - صلى الله عليه وسلم - لكفى به فضلًا، وعلامةُ المحبِّ الصادق أن يسعى في حصول محبوب محبوبه، ويبذلَ جهدَه وطاقته فيها، ومعلومٌ أنه لا شيء أحبُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إيصاله الهدى إلى جميع الأمَّة، فالمبلِّغُ عنه ساعٍ في حصول محابِّه، فهو أقربُ الناس منه وأحبُّهم إليه، وهو نائبُه وخليفتُه في أمَّته، وكفى بهذا فضلًا وشرفًا للعلم وأهله.

الوجه الرابع والخمسون: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قدَّم بالفضائل العِلْميَّة في أعلى الولايات الدينيَّة وأشرفها، وقدَّم بالعلم بالأفضل (٢) على غيره.

فروى مسلمٌ في «صحيحه» (٣) حديثَ أبي مسعود البدريِّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمُهم


(١) وعُدَّ من المتواتر. انظر: «نظم المتناثر» للكتاني (٣٤). وهو في «صحيح البخاري» (٦٧) ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة. وحديثُ الباقين مشهورٌ لا نطيلُ بتخريجه.
(٢) (ت): «بالعلم الأفضل».
(٣) (٦٧٣).