للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: هات، قال: رأيتَ كأنك صَعَدْتَ جبلًا، فقال المهدي: لله أبوك يا سحَّار! صدقت، قال: ما أنا بسحَّارٍ يا أمير المؤمنين، غير أنك مسحتَ بيدك على رأسك، فزجرتُ (١) لك، وعلمتُ أنَّ الرأسَ ليس فوقه أحدٌ إلا السماء، فأوَّلتُه بالجبل، ثمَّ نزلتَ بيدك إلى جبهتك، فزجرتُ لك بنزولك إلى أرضٍ ملساءَ فيها عينان مالحتان، ثمَّ انحدرتَ إلى سفح الجبل فلقيتَ رجلًا من فخذك قريش؛ لأنَّ أميرَ المؤمنين مسح بعد ذلك بيده على فخذه، فعلمتُ أنَّ الرجلَ الذي لقيه من قرابته، قال: صدقت، وأمرَ له بمالٍ، وأمرَ أن لا يُحْجَبَ عنه.

* ومِنْ ذلك: هؤلاء، أصحابُ الطير السَّانح والبارح، والقَعِيد والناطح.

وأصلُ هذا أنهم كانوا يزجُرون الطيرَ والوحشَ ويُثِيرونها، فما تيامَن منها وأخذ ذات اليمين سمَّوه: سانحًا، وما تياسَر منها سمَّوه: بارحًا، وما استقبلهم منها فهو: الناطح، وما جاءهم من خلفهم سمَّوه: القَعِيد، فمن العرب من يتشاءمُ بالبارح (٢) ويتبرَّكُ بالسانح، ومنهم من يرى خلاف ذلك (٣).

قال المدائني (٤): سألتُ رؤبةَ بن العجَّاج: ما السانح؟ فقال: ما ولَّاك


(١) (ت): «فحزرت».
(٢) في «بلوغ الأرب» للآلوسي (٣/ ٣١٢)، هنا زيادة، وهي: «لأنه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه».
(٣) انظر: «الأمالي» للقالي (٢/ ٢٤٠)، و «العمدة» لابن رشيق (١٠٣٥).
(٤) أبو الحسن علي بن محمد، الإخباري، العلامة، صاحب التصانيف (ت: ٢٢٥، وقيل غير ذلك)، له كتاب: «القيافة والفأل والزجر» لم يعثر عليه بعد، ونقل المصنفُ وصاحبا «نثر الدر» و «التذكرة الحمدونية» عنه جملةً من الأخبار. انظر: «السير» (١٠/ ٤٠٠)، و «إرشاد الأريب» (١٨٥٢).