للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميامَنه. قال: قلت: فما البارح؟ قال: ما ولَّاك مياسِرَه. قال: والذي يجيء من قُدَّامك (١) فهو الناطح والنَّطيح، والذي يجيءُ من خلفك فهو القاعدُ والقَعِيد.

وقال المفضَّلُ الضبِّي: البارحُ ما يأتيك عن اليمين يريدُ يسارَك، والسانحُ ما يأتيك عن اليسار فيمرُّ على اليمين.

وإنما اختلفوا في مراتبها ومذاهبها؛ لأنها خواطرُ وحُدوسٌ وتخميناتٌ لا أصلَ لها، فمن تبرَّك بشيءٍ مَدَحَه، ومن تشاءم بشيءٍ ذمَّه، ومن اشتهرَ بإحسان الزَّجر عندهم ووجوهه حتى قصَده الناسُ بالسؤال عن حوادثهم وما أمَّلُوه من أعمالهم سمَّوه: عائفًا، وعرَّافًا.

وقد كان في العرب جماعةٌ يُعْرَفون بذلك، كعرَّاف اليمامة، والأبلق الأُسَيْدي (٢)، والأجلح، وعُروة بن زيد (٣)، وغيرهم (٤).

فكانوا يحكُمون بذلك، ويعملون به، ويتقدَّمون ويتأخَّرون في جميع ما يتقلَّبون فيه ويتصرفون، في حال الأمن والخوف، والسَّعة والضِّيق، والحرب والسِّلم، فإن أنجَحُوا فيما يتفاءلون به مدَحوه وداوموا عليه، وإن عَطِبوا فيه تركوه وذمُّوه، وإن أخفقوا فيه ذمُّوه وتركوه (٥).


(١) (ت): «أمامك».
(٢) انظر: «الاشتقاق» (٢٠٦).
(٣) (ق): «يزيد». تحريف.
(٤) انظر: «الحيوان» (٦/ ٢٠٤)، و «البرصان والعرجان» (٥٨)، و «ثمار القلوب» (٢٠٠)، و «مروج الذهب» (٢/ ٣١١).
(٥) كذا في الأصول، تكررت الجملة بمعناها.