للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتذابه من مقرِّه ومركزه إلى فوق، ثمَّ ينصرفُ في تلك المجاري بحسب قبولها وسَعَتها وضيقها، ثمَّ تتفرَّقُ وتتشعَّبُ وتَدِقُّ إلى غايةٍ لا ينالها البصر.

ثمَّ انظر إلى تكوُّن حَمْل الشجر ونُقْلَتِه (١) من حالٍ إلى حال، كتنقُّل أحوال الجنين المغيَّب عن الأبصار، ترى العجبَ العُجاب؛ فتبارك الله ربُّ العالمين وأحسنُ الخالقين.

بَيْنا تراها حَطبًا قائمًا عاريًا لا كسوة عليها، إذ كساها ربُّها وخالقُها من الزَّهْر أحسنَ كسوة، ثمَّ سَلَبَها تلك الكسوةَ وكساها من الوَرَق كسوةً هي أثبتُ من الأولى، ثمَّ أطلَع فيها حَمْلَها ضعيفًا ضئيلًا، بعد أن أخرَج ورقَها صيانةً وثوبًا لتلك الثَّمرة الضعيفة، تستَجِنُّ به (٢) من الحرِّ والبرد والآفات، ثمَّ ساق إلى تلك الثِّمار رزقَها، وغذَّاها في تلك العُروق والمجاري، فتغذَّت به كما يتغذَّى الطفلُ بلبان أمِّه، ثمَّ ربَّاها ونمَّاها شيئًا فشيئًا حتى استوت وكَمُلَت وتناهى إدراكُها، فأخرَج ذلك الجَنى اللذيذَ الليِّن من تلك الحطَبة الصَّمَّاء.

هذا، وكم لله من آيةٍ في كلِّ ما يقعُ الحسُّ عليه ويبصرُه العبادُ وما لا يبصرُونه (٣)، تفنى الأعمارُ دون الإحاطة بها وبجميع تفاصيلها.

فصل

ومن آياته سبحانه وتعالى: الليلُ والنَّهار، وهما من أعجب آياته وبدائع


(١) (ق، ت، د): «وتقلبه».
(٢) (ت): «لتستجن به». (ح، ن): «لتسجى به».
(٣) (ت): «وما لا تبصر وبه».