للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة؛ فما مِنْ كوكبٍ من الكواكب إلا وللربِّ تبارك وتعالى في خلقه حِكَمٌ كثيرة، ثم في مقداره، ثم في شكله ولونه، ثم في موضعه (١) من السَّماء وقُربه من وسطها وبُعْده، وقُربه من الكوكب الذي يليه وبُعْده منه.

وإذا أردتَ معرفة ذلك على سبيل الإجمال فقِسْهُ بأعضاء بدنك واختلافها، وتفاوتِ ما بين المتجاورات منها وبُعْد ما بين المتباعدات، وأشكالها ومقاديرها، وتفاوت منافعها، وما خُلِقَت له. وأيُّ نسبةٍ لذلك إلى عِظَم السَّموات وكواكبها وآياتها!

وقد اتفق أربابُ الهيئة على أنَّ الشمس بقَدْر الأرض مئة مرَّةٍ ونيِّفًا وستِّين مرَّة، والكواكبُ التي نراها كثيرٌ منها أصغرُها بقَدْر الأرض، وبهذا يُعْرَفُ ارتفاعُها وبُعْدُها.

وفي حديث أبي هريرة الذي رواه الترمذي (٢):

«إنَّ بين الأرض والسَّماء مسيرةَ خمس مئة عام، وبين كلِّ سماءين كذلك».


(١) (ق، ت، د): «في شكله وكونه في موضعه».
(٢) (٣٢٩٨)، وأحمد (٢/ ٣٧٠)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ٢٨٧)، وغيرهم بإسنادٍ منقطع. وهو حديثٌ طويل، وفي آخره نكارة.
قال الترمذي: «هذا حديث غريبٌ من هذا الوجه. ويروى عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد، قالوا: الحسن لم يسمع من أبي هريرة».
وبذا أعلَّه البيهقي، والجورقاني في «الأباطيل» (١/ ٧٠)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ١٣). وانظر: «العلو» للذهبي (٧٤)، و «البداية والنهاية» (١/ ٤١).

وللقَدر الذي ذكره المصنف منه شواهدُ من حديث العباس وأبي سعيد وأبي ذر وابن مسعود رضي الله عنهم.