للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كذبٌ عليه وعلى الخِلْقة؛ لأنه يبُول، وقد تكلَّم الفقهاءُ في بوله: هل هو نجسٌ لأنه بولُ غيرِ مأكولٍ؟ أو نجسٌ معفوٌّ عن يسيره لمشقَّة التحرُّز منه؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد.

وبعضُ الفقهاء لا ينجِّسُ بولَه بحالٍ، وهذا أقيسُ الأقوال (١)؛ إذ لا نصَّ فيه، ولا يصحُّ قياسُه على الأبوال النَّجسة؛ لعدم الجامع المؤثِّر، ووضوح الفرق. وليس هذا موضع استيفاء الحجج في هذه المسألة من الجانبين (٢).

والمقصودُ أنه لو كان لا يأكلُ شيئًا لم يكن له أسنان، إذ لا معنى للأسنان في حقِّ من لا يأكلُ شيئًا، ولهذا لما عَدِم الطفلُ الرضيعُ الأكلَ لم يُعْط الأسنان، فلما كبر واحتاج إلى الغذاء أُعِينَ عليه بالأسنان التي تقطعُه والأضراس التي تطحنُه.

وليس في الخليقة شيءٌ مهمل، ولا عن الحكمة بمعطَّل، ولا شيءٌ لا معنى له.

وأمَّا الحِكَمُ والمنافعُ في خَلْق الخفَّاش، فقد ذكر منها الأطبَّاءُ في كتبهم ما انتهت إليه معرفتُهم (٣)، حتى إنَّ بوله (٤) يدخلُ في بعض الأكحال (٥)،


(١) «الأقوال» ليست في (ت).
(٢) انظر: «روضة الطالبين» (١/ ٢٨٠)، و «المحلى» (١/ ١٩١)، و «المغني» (٢/ ٤٨٦)، و «البحر الرائق» (١/ ٣٩٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٧).
(٣) انظر: «التذكرة» لداود (١/ ١٤٢)، و «المفردات» لابن البيطار (٢/ ٦٥)، و «حياة الحيوان» (٢/ ٢٣٢).
(٤) (ر، ض): «زبله».
(٥) (ض): «الأعمال».