للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانظُر إليها وإلى اجتهادها (١) في صَنعة العسل وبنائها البيوتَ المسدَّسة التي هي من أتمِّ الأشكال وأحسنها استدارةً وأحكمها صنعًا، فإذا انضمَّ بعضُها إلى بعضٍ لم يكن بينها (٢) فُرجةٌ ولا خَلَل، كلُّ هذا بغير مقياسٍ ولا آلةٍ ولا بِرْكار (٣).

وذلك مِنْ أثر صُنع الله وإلهامه إياها وإيحائه إليها؛ كما قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٦٨ - ٦٩].

فتأمَّل كمال طاعتها وحُسْنَ ائتمارها (٤) لأمر ربها تعالى، كيف (٥) اتَّخذت بيوتها من هذه الأمكنة الثَّلاثة: في الجبال والشقفانات (٦)، وفي الشَّجر، وفي بيوت الناس حيثُ يَعْرِشُون، أي: يبنون العُروش (٧) وهي


(١) في الأصول: «اجسادها». والمثبت من (ط)، وهو أشبه.
(٢) (ق): «منها». (ح، ن): «في بيتها».
(٣) (ح، ن): «بيكار». وهي آلةٌ هندسيَّةٌ معروفة. انظر: «التاج» (دور)، و «قصد السبيل» (١/ ٢٧٢)، و «المعجم الوسيط» (برج).
(٤) (ن): «إيثارها».
(٥) (ح، ن): «يقال».
(٦) مفردها: شَقِيف. والجمع: شقفان. وجمع الجمع: شقفانات. كلمة آرامية سريانية، تطلق على الكهف والمغارة والصخر الشاهق المشرف. انظر: «معجم البلدان» (٣/ ٣٥٦)، و «الروضتين» لأبي شامة (٣/ ١٠٦)، و «معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية» لأنيس فريحة (٩٧).
(٧) (ت): «أي: في هذه الأمكنة يبنون العروش».