للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعمةٍ من حاسد، ولكلِّ حقٍّ من جاحدٍ ومعاند.

هذا، وإنَّ ما أُودِعَ من المعاني والنفائس رهنٌ عند متأمِّله ومُطالِعه، له غُنْمُه وعلى مؤلِّفه غُرْمُه، وله ثمرتُه ومنفعتُه ولصاحبه كَدُّه (١) ومشقَّتُه، مع تعرُّضه لمطاعن الطاعنين، ولاعتراض المنافسين (٢)، وعَرْضِه بضاعتَه المزجاة وعقلَه المَكْدُود على عقول العالمين (٣)، وإلقائه نفسَه وعِرْضه بين مخالب الحاسدين، وأنياب البغاة المعتدين.

فلك أيها القاراء صَفْوُه ولمؤلِّفه كدرُه، وهو الذي تجشَّم غِراسَه وتعبَه ولك ثمرُه، وها هو قد استَهْدَف لسهام الرَّاشقين، واستَعْذَر إلى الله من الزلل والخطأ، ثم (٤) إلى عباده المؤمنين.

اللهمَّ، فعياذًا بك ممَّن قَصُرَ في العلم والدِّين باعُه، وطالت في الجهل وأذى عبادك ذراعُه، فهو لجهله يرى الإحسانَ إساءةً والسنةَ بدعةً والعُرْفَ نُكرًا، ولظلمه يجزي بالحسنة سيئةً كاملةً وبالسيئة الواحدة عشرًا.

قد اتَّخذ بَطَر الحقِّ وغَمْط (٥) الناس سُلَّمًا إلى ما يحبُّه من الباطل ويرضاه، ولا يعرفُ من المعروف ولا ينكرُ من المنكر إلا ما وافقَ إرادتَه أو خالفَ هواه (٦).


(١) مضبوطة في (ق). وفي (ن، ح): «كدره».
(٢) (ق): «المناقشين». (د): «المناقسين». (ن، ح): «المتنافسين».
(٣) (ح، ن): «وهذه بضاعته المزجاة وعقله المكدود يعرض على عقول العالمين».
(٤) «ثم» ليست في (ت، د، ق).
(٥) (ق، ت): «وغمض». (د): «وغمص».
(٦) (ق): «حالف» بالمهملة. تحريف. وفي العبارة لفٌّ ونشرٌ مرتَّب؛ فالمعروف ما وافق إرادته، والمنكر ما خالف هواه.