للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستطيلُ على أولياء الرسول وحزبه بأصغرَيْه (١)، ويجالسُ أهلَ الغيِّ والجهالة ويزاحمُهم بركبتَيْه.

قد ارتوى من ماءٍ آجنٍ وتضلَّع، واستشرفَ إلى مراتب ورثة الأنبياء وتطلَّع، يركضُ في ميدان جهله مع الجاهلين، ويبرزُ عليهم في الجهالة فيظنُّ أنه من السابقين، وهو عند الله ورسوله والمؤمنين عن تلك الوراثة النبوية بمعزِل، وإذا نزل الورثةُ منازلهم منها فمنزلتُه منها أقصى وأبعدُ منزِل.

نَزَلوا بمكَّةَ في قبائل هاشمٍ ... ونزلت بالبيداءِ أبعدَ منزلِ (٢)

وعياذًا بك ممَّن جعلَ الملامةَ بضاعتَه، والعَذْلَ نصيحتَه، فهو دائمًا يُبدي في الملامةِ ويُعِيد، ويكرِّرُ على العَذْل فلا يفيد ولا يستفيد.

بل عياذًا بك من عدوٍّ في صورة ناصح، ووليٍّ في مِسْلاخ بعيدٍ كاشِح، يجعلُ عداوتَه وأذاه حذرًا (٣) وإشفاقًا، وتنفيرَه وتخذيلَه إسعافًا وإرفاقًا!

وإذا كانت العينُ لا تكادُ إلا على هؤلاء تفتَح، والميزانُ بهم يخفُّ ولا يَرْجَح، فما أحرى اللبيبَ بأن لا يُعِيرَهم من قلبه (٤) جزءًا من الالتفات، ويسافر في طريق مقصده بينهم سفرَه إلى الأحياء بين الأموات.


(١) قلبه ولسانه.
(٢) البيت ــ باختلافٍ يسير ــ لعمر بن أبي ربيعة في «ديوانه» (٣٢٠). وأنشده عبيدُ الله بن إسحاق بن سلام في «أمالي القالي» (١/ ٢٠٢). ودون نسبة في «طبقات الفقهاء» للشيرازي (١٠٣)، و «العاقبة» لعبد الحق (١٧٧).
(٣) (د، ت، ن): «حذارا».
(٤) (ت): «قبله».